نظرةٌ حول حكم ضرب الزَّوجة النَّاشزة

نظرةٌ حول حكم ضرب الزَّوجة النَّاشزة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين، اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم..

مقدِّمة:

حرص الإسلام العزيز على العلاقة بين الزَّوجين وبنائها بشكل سليم وصحيح يضمن استقرارها واستقرار المجتمع، فجاء بتشريعات، وأحكام، وآداب كثيرة، بدءاً من تشكيل الأسرة واختيار الزَّوج أو الزَّوجة، ومروراً بحقوق كلٍّ من الزَّوجين وآداب وأحكام الحياة الزَّوجية، وانتهاءً بعلاج حالات النِّزاع والشِّقاق بينهما. فالإسلام العزيز الشَّامل لجميع مناحي الحياة لم يغفل عن كلِّ ما يحتاجه الزَّوجان للوصول إلى السَّعادة في الدُّنيا والآخرة، تلك السَّعادة الحقيقية التي من أجلها خُلق الإنسان، ومن أجلها جاء الدِّين وتعاليمه، لا السَّعادة الموهومة التي يُخيَّل إلى صاحبها أنَّها سعادة.

ومن حالات النِّزاع، والشِّقاق، والاختلاف التي قد تقع بين الزَّوجين حالة نشوز الزَّوجة وعصيانها، وقد أشار القرآن الكريم إلى علاج هذه الحالة بقوله تعالى:

{وَاللاَّتي‏ تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبيراً}(سورة النِّساء: 34).

والكلام في هذه المقالة فيما يتعلَّق بهذه الآية المباركة في مبحثين:

المبحث الأوَّل: حول تفسير الآية المباركة

المبحث الثَّاني: بيان أنَّ تجويز الشارع ضرب المرأة النَّاشزة ليس ظلماً للمرأة

المبحث الأوَّل: حول تفسير الآية المباركة

تتحدَّث الآية المباركة عن حالة النُّشوز من الزَّوجة، والطُّرق المشروعة التي جاء بها الشَّارع المقدَّس لعلاج هذه الحالة والمشكلة؛ فإنَّ نشوز الزَّوجة مشكلة تقع في الحياة الزَّوجية فتهدِّد استمرارها، وبالتَّالي فهي تحتاج إلى علاج وحلٍّ، وينبغي الإشارة إلى أنَّ حالة النُّشوز كما تتحقَّق من الزَّوجة فهي تتحقَّق من الزَّوج كما أشارت الآية المباركة: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً والصُّلْحُ خَيْرٌ وأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وإِنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً}(النِّساء، 128)، ولكنَّ الغرض في هذا البحث هو التعرِّض لحالة النُّشوز من الزَّوجة في ظلِّ الآية التي صُدِّر بها البحث.

قال آية الله العظمى الشَّيخ الجوادي الآملي حفظه الله تعالى في تفسير تسنيم ما ترجمته-بالمضمون- وملخصه:

"إنَّ الاختلاف بين الزَّوج والزَّوجة يقع بإحدى صور ثلاث:

الأولى: نشوز الزَّوج: وذلك إذا لم يؤدِّ الزَّوج وظيفته، وقد جاء تفصيل ذلك في الآية المباركة {وَ ِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً..}. 

في مثل هذه الحالة وبسبب أنَّ موعظة الزَّوجة لا أثر لها عادةً في مثل هذه الموارد وهي فاقدة عادة لقدرة منع الزَّوج يمكنها أن تشكي أمرها لولي المسلمين والحاكم الشَّرعي؛ لأنَّه ولي الأفراد الممتنعة، وإذا لم يصلح الزَّوج بالنَّصيحة والتَّشويق والتَّهديد، وكانت الحياة في تلك الأوضاع ليست قابلة للتَّحمل بالنِّسبة للزَّوجة يجبر الحاكمُ الشرعي الزَّوج على الطَّلاق، وإذا امتنع عن إجراء الطَّلاق يقوم الحاكم الشَّرعي بنفسه بتطليق الزَّوجة، وذلك مثل طلاق زوجة الزَّوج الغائب أو مفقود الأثر، كلُّ ذلك بالشُّروط المقرَّرة، ومن البديهي أنَّه لا بدَّ من رعاية الاحتياط في أمر الطَّلاق لأنَّه من الأمور المهمَّة.

الثَّانية: الاختلاف المشترك وعدم التَّوافق من الطَّرفين، وهذا ما عبَّرت عنه الآية اللاحقة بـ {شقاق بينهما}.

الثَّالثة: عدم التَّمكين الجنسي من طرف الزَّوجة، وفي هذه الحالة تسمَّى الزَّوجة بـ (النَّاشزة).

تذكّر: النُّشوز لا يختص بالمرأة كما تقدَّم بيانه وإن كان الشَّيخ الطوسي ذكر في التِّبيان أنَّ النُّشوز يتحقَّق فقط من طرف المرأة والشِّقاق من الطَّرفين"([1]).

والكلام في المبحث الأوَّل في سبع نقاط:

النقطة الأولى: بيان معنى نشوز الزَّوجة وحدوده:

قال صاحب تفسير الأمثل: "(النُّشوز) من نشز(على وزن نذر) يعني الأرض المرتفعة، ويُكنّى به هنا عن الطغيان والترفّع"([2]).

وقال العلامة الطباطبائي في الميزان O: " النُّشوز العصيان والاستكبار عن الطاعة" ([3]).

وقال أمين الإسلام الطبرسي O: "و أصل النُّشوز الترفّع على الزَّوج بخلافه مأخوذ من قولهم: (فلان على نشز من الأرض) أي ارتفاع يقال نشزت المرأة تنشز وتنشز"([4]).

".. نشوز المرأة عصيانها لزوجها واستيلاؤها عليه ومخالفتها إياه.."([5]).

أمَّا في كيفية تحقُّق النُّشوز من الزَّوجة فهناك أقوال، وقبل الإشارة إليها ينبغي الالتفات إلى أنَّه باعتبار أنَّ البحث ليس فقهياً فسيقتصر على الإشارة إلى بعض الأقوال، كما لم يتمَّ أيضاً استقصاء القائلين بكلِّ قول لنفس السَّبب، والأقوال كالتَّالي:

القول الأوَّل ترك التمكين الجنسي:

يتحقق نشوز الزَّوجة من خلال تركها للتَّمكين الجنسي، كما يظهر هذا القول من آية الله العظمى الشَّيخ الجوادي الآملي B في عبارته المتقدِّمة حيث قال في الصُّورة الثَّالثة من صور الاختلاف بين الزَّوجين:"عدم التمكين الجنسي من طرف الزَّوجة، وفي هذه الحالة تسمى الزَّوجة بـ (النَّاشزة)." ([6])، فبناء على هذا القول ينحصر تحقق النُّشوز بترك التَّمكين.

القول الثَّاني ترك التمكين الجنسيّ او الخروج من بيتها من دون إذن الزوج:

يتحقَّق نشوز الزَّوجة بأحد أمرين: أحدهما ترك التَّمكين، والآخر خروجها من بيتها من دون إذن الزَّوج، وهذا ما ذهب إليه السِّيد السِّيستاني حفظه الله تعالى، قال: "أمَّا نشوز الزَّوجة فيتحقَّق بخروجها عن طاعة الزَّوج الواجبة عليها، وذلك بعدم تمكينه مما يستحقه من الاستمتاع بها، ويدخل في ذلك عدم إزالة المنفرات المضادَّة للتَّمتع والالتذاذ منها، بل وترك التَّنظيف والتَّزيين مع اقتضاء الزَّوج لها، وكذا بخروجها من بيتها من دون إذنه، ولا يتحقَّق بترك طاعته فيما ليس واجباً عليها كخدمة البيت ونحوها.."([7]).

والملاحظ أنَّ السِّيد السِّيستاني B أدخل في ضمن عدم التَّمكين عدم إزالتها للمنفِّرات وترك التنظيف والتزيين مع اقتضاء الزَّوج لها، كما أنَّه حفظه الله تعالى نصَّ على أنَّ النُّشوز لا يتحقق بترك الزَّوجة لطاعة الزَّوج فيما ليس واجباً عليها كخدمة البيت ونحوها، وهذه نقطة سيُحتاج إليها في المبحث الثَّاني كما يأتي إن شاء الله تعالى.

فهذا القول أوسع من القول السَّابق.

القول الثَّالث ترك التمكين الجنسيّ او الخروج من بيتها من دون إذن الزوج أو عصيانه:

يتحقق النُّشوز بأحد أمور ثلاثة:

عدم التَّمكين، والخروج من بيتها بدون إذنه، وعصيان أمر الزَّوج أو نهيه في غير معصية الله تعالى، وهذا ما ذهب إليه الشَّيخ محمَّد أمين زين الدين O، قال: "نشوز المرأة هو خروجها عما يجب للرجل عليها من حقوق الزَّوجية، فإذا منعت زوجها من الاستمتاع بها ولم تمكنه من نفسها ولا عذر لها في ذلك فقد نشزت، وإذا خرجت من بيته بغير اذنه ولو إلى بيت أبيها أو قريبها، ولا عذر لها في ذلك فقد نشزت، وإذا عصت أمره أو نهيه في غير معصية اللّه ولا عذر لها في مخالفته فقد نشزت والأحوط أن لا تجري أحكام النُّشوز عليها، حتى يتكرَّر ذلك منها، ويخشى أن يكون عادة لها ودأبا، ولعل ذلك هو المراد في الآية الكريمة {واللاتي تخافون نشوزهن}."([8])

وقد نبَّه الشَّيخ زين الدِّين إلى أنَّ النُّشوز إنَّما يتحقق من الزَّوجة بهذه الأمور الثَّلاثة فيما لو لم يكن لها عذر في ذلك، أمَّا لو كان لها عذر في تركها التَّمكين أو الخروج بغير إذنه أو عصيان أمره أو نهيه فلا تعدُّ ناشزة.

وهذا القول أوسع من القولين السَّابقين.

النقطة الثَّانية: لماذا رتَّبت الآيةُ المباركة الأحكامَ على خوف النُّشوز لا على نفس النُّشوز؟

إنَّ الآية المباركة رتَّبت الأحكام والعلاجات الثَّلاثة لحالة نشوز الزَّوجة(وهي الوعظ والهجر في المضاجع والضَّرب) على خوف النُّشوز لا على تحقُّق نفس حالة النُّشوز؛ فإنَّ الآية قالت: {وَاللاَّتي‏ تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ..}، ولم تقل (واللاتي نشزن أو اللاتي تحقق منهن النُّشوز فعظوهن..)، فما هو السِّر في ذلك؟

وبعبارة أخرى: ما دامت هذه الأحكام علاجاً لحالة النُّشوز من الزَّوجة، فلماذا رتَّبت الآية الأحكام على خوف النُّشوز لا على نفس النُّشوز، ومن الواضح وجود الفرق بين نفس حالة النُّشوز وبين خوف النُّشوز؛ فإنَّ خوف النُّشوز قد يحصل في نفس الزَّوج وإن لم تكن حالة النُّشوز حاصلة بالفعل عند الزَّوجة؟

في الإجابة عن هذا السًّؤال هناك قولان: 

القول الأوَّل تخافون بمعنى تعلمون:

وهو أحد القولين اللذين أشار إليهما الشَّيخ الطوسي رحمه الله تعالى في التِّبيان، وحاصله أنَّ {تخافون} هنا بمعنى (تعلمون). قال الشَّيخ الطوسي: "لأنَّ خوف النَّشز للعلم بموقعه، فلذلك جاز أن توضع‏ مكان تعلم.."([9])، وبناء على هذا القول لا يوجد في الآية إلا الإشارة إلى ترتُّب العلاجات الثَّلاثة على تحقُّق النُّشوز والعلم به، ولا إشارة إلى ترتُّبها على خوف النُّشوز؛ إذ الخوف بمعنى العلم في الآية حسب هذا القول، والسِّر في وضع (تخافون) مكان (تعلمون) هو أنَّ سبب خوف النُّشوز هو العلم بموقعه.

القول الثَّاني الخوف أي ظهور العلائم:

حاصله أنَّ الخوف المشار إليه في الآية الكريمة بمعناه لا بمعنى العلم كما كان في القول السَّابق، فيكون معنى خوف النُّشوز هو ظهور آياته وعلائمه كما ذكر صاحب الميزان([10])، والسِّر في ترتيب الأحكام على خوف النُّشوز لا على نفس النُّشوز -كما في تفسير الميزان أيضاً([11])- أنَّ الوعظ -وهو العلاج الأوَّل من العلاجات الثَّلاثة- له محلٌّ حتى مع بدو ظهور علامات العصيان وخوف تحقق النُّشوز، ولا يختصُّ ذلك بتحقُّق العصيان والنُّشوز الفعليَين، فترتيب الحكم على خوف النُّشوز إنَّما هو لملاحظة الوعظ بخصوصه دون العلاجين الآخرين (وهما الهجر والضَّرب).

وبعبارة أخرى:

في الآية المباركة ثلاثة علاجات للنُّشوز وهي: الوعظ والهجر في المضاجع والضَّرب، ولو لاحظنا خصوص العلاج الأوَّل وهو الوعظ فإنَّه يمكن أن يتحقَّق حتى مع مجرَّد ظهور علامات العصيان والنُّشوز وخوف تحققه، وإن لم يكن هناك نشوز بالفعل، يعني أنَّه يمكن للزَّوج أن يعظَ زوجتَه حتى لو لم تكن بالفعل ناشزة ما دامت قد بدت منها بعضُ علامات النُّشوز وخاف نشوزها، وهذا هو السِّر في التعبير بـ (خوف النُّشوز) دون نفس النُّشوز، نعم بملاحظة العلاج الثَّاني(وهو الهجر) والثَّالث(وهو الضَّرب) لا يكون هناك معنى لترتيبهما على خوف النُّشوز بل هما مرتّبان على نفس النُّشوز، والنتيجة هي أنَّ (خوف النُّشوز) يتلاءم مع خصوص العلاج الأوَّل.

وممن يظهر منهم تبنّي هذا القول آية الله العظمى الشَّيخ الجوادي الآملي B، قال ما مضمونه:

"ظاهر الآية أنَّ الأمور المذكورة [يعني العلاجات الثَّلاثة] مترتّبة على خوف النُّشوز لا على نفس النُّشوز، وهذا يعني أنَّه مع ظهور علامات العصيان والتمرّد تترتّب الأحكام المذكورة، وسر ذلك أنَّ الموعظة تفيد في إصلاح وترميم علامات النُّشوز فيتم التفكير في علاجات للنشوز قبل أن تحصل حالة النُّشوز."([12]).

وقد يستفاد هذا القول من السِّيد الإمام الخمينيO حيث قال: "لو ظهرت منها أمارات النُّشوز والطُّغيان؛ بسبب تغيير عادتها معه في القول أو الفعل؛ بأن تجيبه بكلام خشن بعد ما كان بكلام ليّن، أو أن تظهر عبوساً وتقطّباً في وجهه وتثاقلاً ودمدمة بعد أن كانت على خلاف ذلك وغير ذلك يعظها، فإن لم تسمع يتحقّق النُّشوز بخروجها عن طاعته فيما يرجع إلى الاستمتاع، فحينئذٍ جاز له هجرها في المضجع؛ إمَّا بأن يحوِّل إليها ظهره في الفراش.."([13]).

فإنَّه رحمه الله تعالى قد ذكر العلاج الأوَّل وهو الوعظ بمجرد ظهور أمارات النُّشوز، فهو قد رتب العلاج الأوَّل على ظهور أمارات النُّشوز، ولكن العلاج الثَّاني وهو الهجر في المضاجع إنما رتبه على خروجها عن طاعته فيما يرجع إلى الاستمتاع ولم يجوّز الانتقال للعلاج الثَّاني بمجرد ظهور أمارات النُّشوز بل بتحقق حالة النُّشوز بخروجها عن طاعته فيما يرجع إلى الاستمتاع، فإنه قال:"فحينئذٍ جاز له هجرها في المضجع.." أي حين إذ خرجت عن طاعته فيما يرجع إلى الاستمتاع جاز له الانتقال للعلاج الثَّاني وهو الهجر في المضاجع، لا فيما إذا ظهرت أمارات النُّشوز فحسب.

و إلى كون الخوف في الآية بمعناه لا بمعنى العلم أشار الشَّيخ الطوسي O في التِّبيان، قال: "..الخوف الذي هو خلاف الأمن، كأنه قال: تخافون نشوزهن لعلمكم بالأحوال المؤذنة به.."([14]).

وكذلك أمين الإسلام الطبرسي O حيث قال: "{وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ} معناه فالنِّساء اللاتي تخافون نشوزهن بظهور أسبابه وأماراته.."([15]).

نعم لم يشر الشَّيخان الطوسي والطبرسي رحمهما الله تعالى إلى ما أشار إليه العلامة الطباطبائي O من كون خوف النُّشوز مترتّباً على خصوص العلاج الأوَّل دون الآخرَين.

وبناء على هذا القول -من أنَّ الخوف يراد به معناه لا بمعنى العلم- استفاد الشَّيخ محسن قراءتي في تفسيره نكتة تربوية من هذه الآية المباركة وهي أنَّ علاج الواقعة لا بدَّ أن يكون قبل وقوعها، فكما أنَّه قبل وقوع النُّشوز من الزَّوجة لا بدَّ من التَّفكير في علاج لهذه الحالة -كما أشارت الآية المباركة- فكذلك في كلِّ الوقائع والمشاكل الأخرى لا بدَّ من التَّفكير في حلِّها بمجرَّد ظهور علاماتها وإن لم تقع بعدُ([16]).

النُّقطة الثَّالثة: هل بين العلاجات الثَّلاثة للنشوز ترتُّب؟

في المسألة أقوال واحتمالات خمسة جمعها الشَّيخ السبحاني Bفي كتابه (نظام النكاح في الشريعة الإسلامية الغراء)، قال -بعد ذكر الاحتمالات الخمسة تفصيلاً ناسباً بعضها إلى أصحابها ومناقشاً لبعضها ومختاراً للاحتمال الثَّالث وجاعله أظهر الاحتمالات-:

"وحاصل الوجوه الخمسة عبارة عن الوجوه التَّالية:

١ - إنّ‌َ الأوَّلين[وهما الوعظ والهجر] مترتِّبان على الخوف، والثَّالث[وهو الضَّرب] على نفس النُّشوز.

٢ - إنَّ‌ الأوَّل مترتِّب على الخوف، والثَّاني والثَّالث على النُّشوز ويعمل على التَّرتيب.

٣ - إنَّ‌ الثَّلاثة مترتِّبة على الخوف، إلاّ أنَّها مترتِّبة حسب ترتُّب النَّهي عن المنكر[أي من الأخف إلى الأشد].

٤ - إنَّ‌ الثَّلاثة مترتِّبة على النُّشوز، مخيراً في إعمالها بلا ترتيب.

٥ – [إنّ الثَّلاثة] مترتّبة على نفس النُّشوز لكنَّه على ترتيب النَّهي عن المنكر."([17]).

أمَّا الاحتمال الثَّاني فهو ما ذهب إليه السيد العلامة الطباطبائي O وتلميذه آية الله العظمى الشَّيخ الجوادي الآملي B كما تقدم في النقطة السابقة.

ولكن قد يطرأ سؤال حاصله: ما هي القرينة على أصل الترتّب بين العلاجات الثَّلاثة والحال أنَّ الآية عطفت بينها بالواو التي لا تفيد الترتّب؟

إنَّ العطف بين هذه العلاجات الثَّلاثة وإن جاء بالواو التي لا تفيد الترتيب ولا ترتّب العلاج اللاحق على عدم نفع العلاج السابق بل تفيد مطلق الجمع، ولكن الترتيب والتدرّج والترتّب بين هذه العلاجات -ابتداء بالوعظ فإن لم ينفع فالهجر في المضاجع فإن لم ينفع فالضَّرب- مستفاد من قرينة أخرى وهي السياق، حيث ذكر العلامة الطباطبائي O "أنها[أي العلاجات الثَّلاثة] بحسب الطبع وسائل للزجر مختلفة آخذة من الضعف إلى الشدة بحسب الترتيب المأخوذ في الكلام، فالترتيب مفهوم من السياق دون الواو."([18]).

وقال آية الله العظمى الشَّيخ الجوادي الآملي حفظه الله تعالى -ما مضمونه-:

"واو العطف لأجل مطلق الجمع، ولكنها في هذه الآية {فَعِظوهُنَّ واهجُروهُنَّ فِی المَضاجِعِ واضرِبوهُنّ} لأجل الترتيب الواقعي من الخفيف إلى الأثقل- التي هي مراتب النهي عن المنكر- بقرينة تناسب الحكم والموضوع وروايات الباب، ومع حصول الخوف المعقول وظهور علامات العصيان [من الزَّوجة] في البداية لابد من الموعظة، وإذا لم تؤثر تأتي الخطوات اللاحقة من الهجر في المضاجع ثم الضَّرب، وهذا يعني أنه في كل مرحلة إذا خرجت المرأة عن النُّشوز لا تصل النوبة للمراحل اللاحقة، يعني أنّ المرأة إذا أقلعت بالموعظة عن الذنب(النُّشوز) لا تصل النوبة للهجر، وإذا حصل التمكين بالهجر لا حاجة للضرب، بل حتى إذا حصلت الإطاعة من الزَّوجة في المرحلة الأخيرة لا يصح تعييرها بالماضي والاتهام والسباب ولا طريق لإيصال الأذى إليها أصلاً"([19]). 

والملاحظ من مجموع كلامي العلامة الطباطبائي والعلامة الجوادي الآملي أنّ القرينة على الترتّب بين العلاجات الثَّلاثة هي أمور ثلاثة:

الأوَّل: سياق الآية وهذا ما ذكره العلامة الطباطبائي رحمه الله تعالى.

الثَّاني: مناسبات الحكم والموضوع وهذا ما ذكره الشَّيخ الجوادي B.

الثَّالث: روايات الباب وهذه القرينة ذكرها الشَّيخ الجوادي حفظه الله تعالى أيضاً.

والفرق بين القرينة الثَّانية والثَّالثة أنَّ القرينة الثَّانية وهي مناسبات الحكم والموضوع من قبيل القرائن الحالية أو المقالية([20]) بينما القرينة الثَّالثة وهي الرِّوايات تعتبر قرينة لفظية خارجية أي من خارج الآية.

وبناء على الترتِّب بين العلاجات الثَّلاثة لا يحق للزوج شرعاً أن ينتقل إلى المرتبة الثَّانية وهي الهجر في المضاجع مع كون المرتبة الأولى -وهي الوعظ- مؤثرة، وهكذا لا يحق له- بعد عدم نفع المرتبة الأولى- الانتقال للمرتبة الثَّالثة مباشرة -وهي الضَّرب- مع كون المرتبة الثَّانية مؤثّرة.

 وقد استفاد الشَّيخ محسن قراءتي B  من الترتّب بين العلاجات نكتة تربوية كليّة حاصلها أنَّ مواجهة المنكرات لابد أن تكون خطوة بخطوة ومرحلة بمرحلة([21]).

أمَّا الاحتمال الخامس من الاحتمالات المتقدمة في كلام الشَّيخ السبحاني – وهو كون العلاجات الثَّلاثة مترتبة على نفس النُّشوز ولكن بترتيب النهي عن المنكر- فقد اختاره بعض الفقهاء كالسيد الخوئي والشَّيخ التبريزي P والسيد السيستاني B، فقد عبّر الأوَّلان بهذا التعبير: "..له ضرب النَّاشزة"([22]) الظاهر في كونها ناشزة بالفعل لا مجرد ظهور أماراته، بينما عبّر السيد السيستاني بهذا التعبير: "إذا نشزت الزَّوجة.. وذلك بأن يعظها أولاً.."([23]) الظاهر أيضاً في أنَّ العلاجات تترتّب على نفس النُّشوز، كما صرّح الثَّلاثة(السيد الخوئي والشَّيخ التبريزي والسيد السيستاني) بالترتيب بين العلاجات الثَّلاثة، فتكون نتيجة آرائهم الشريفة هي الاحتمال الخامس المتقدم ذكره.

ثم إنَّه ينبغي الإشارة إلى أنَّ الشَّيخ زين الدين O ذكر أنَّ التدرّج من الأخف إلى الأشد لا بدَّ أن يراعى في كلّ مرتبة من المراتب الثَّلاثة، قال:

"إذا تحقق النُّشوز من المرأة.. وعظها الزَّوج.. والأحوط له أن يتدرَّج في الوعظ من اللين الى الشِّدة بحسب مراتب النَّهي عن المنكر، فإذا لم يؤثِّر ذلك في ردعها، هجرها في المضجع.. متدرجا كذلك من الأخف إلى الأشد، فإذا لم ترجع عن نشوزها جاز له ضربها متدرِّجا في ذلك.."([24]).

النُّقطة الرَّابعة: حول العلاج الأوَّل وهو الوعظ

قال صاحب تفسير الأمثل B: "إنَّ المرحلة الأولى التي على الرِّجال أن يسلكوها تجاه النِّساء اللاتي تبدو عليهنَّ علائم التَّمرد والنُّشوز والعداوة، تتمثل في وعظهن كما قال سبحانه في الآية الحاضرة: {واللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَ} وعلى هذا فإنَّ النِّساء اللاتي يتجاوزن حدود النِّظام العائلي وحريمه لا بدّ قبل أي شي‏ء أن يذكرن -من خلال الوعظ والإرشاد- بمسئولياتهنّ وواجباتهنّ ونتائج العصيان والنُّشوز" ([25]).

وقال الشَّيخ الطوسي O: "وقوله: {فَعِظُوهُنَّ} أي خوفوهن باللَّه"([26]).

وقال الشَّيخ محمد أمين زين الدين O: "إذا تحقَّق النُّشوز من المرأة.. وعظها الزَّوج وحذرها مغبة ذلك وذكرها نهي اللّه عنه وتحريمه إياه، ولو بذكر بعض الأحاديث الواردة في هذا الشأن، أو بالاستعانة بغيره ممن يحسن القيام به، والأحوط له أن يتدرج في الوعظ من اللين الى الشدة بحسب مراتب النهي عن المنكر.."([27]).

النُّقطة الخامسة: حول العلاج الثَّاني وهو الهجر في المضاجع

وفي المراد من الهجر في المضاجع أقوال:

القول الأوَّل الاستدبار أو ترك الملاعبة:

أن يحفظ الزَّوج المضاجعة والاستلقاء مع الزَّوجة، ولكن مع الهجر كترك الملاعبة أو الاستدبار، وهذا القول نقله الشَّيخ الطوسي وقال عنه: "وهو قول أبي جعفرg وقال: يحول ظهره إليها"([28])، وهذا القول هو ما استظهره العلامة الطَّباطبائي O كما سيأتي.

القول الثَّاني ترك المضاجعة و الستلقاء مع الزوجه:

ترك أصل المضاجعة والاستلقاء مع الزَّوجة، وهذا القول أيضاً ذكره العلامة الطباطبائي O ولكنَّه استبعده.

قال الشَّيخ الطبرسي: ".. وقيل معناه فاهجروهن في الفراش والمبيت وذلك أنه يظهر بذلك حبَّها للزوج وبغضها له، فإن كانت مائلة إليه لم تصبر على فراقه في المضجع، وإن كانت بخلاف ذلك صبرت عنه.."([29]).

قال السِّيد العلامةO في الميزان: "وظاهر قوله: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ}‏ أن تكون الهجرة مع حفظ المضاجعة كالاستدبار وترك الملاعبة ونحوها، وإن أمكن أن يراد من مثل الكلام ترك المضاجعة لكنَّه بعيد، وربما تَأيّد المعنى الأوَّل بإتيان المضاجع بلفظ الجمع فإنَّ المعنى الثَّاني لا حاجة فيه إلى إفادة كثرة المضجع ظاهراً."([30]).

وحاصل کلامه أنَّ هناك معنيين محتملين لـ (الهجر في المضاجع):

المعنى الأوَّل الاستدبار أو ترك الملاعبة:

أن يحفظ الزَّوج مسألة المضاجعة(والظَّاهر أنَّ مرادَه من المضاجعة الاستلقاء) ولا يتركها، ولكن غاية ما يفعله هو أن يهجر الزَّوجة النَّاشز كأن يستدبرها وأن يترك ملاعبتها، وهذا هو القول الأوَّل المتقدِّم.

المعنى الثَّاني ترك المضاجعة:

أن يترك الزَّوج أصل مضاجعة زوجته لا أن يبقي عليها(أي المضاجعة)، وهذا هو القول الثَّاني المتقدِّم.

والمؤيِّد للمعنى الأوَّل هو الإتيان بكلمة (المضاجع) بالجمع دون المفرد باعتبار أنَّ المعنى الثَّاني(وهو ترك أصل المضاجعة) لا حاجة فيه للإتيان بصيغة الجمع.

القول الثَّالث التخير بين ترك المضاجعة و بين الاستدبار:

التَّخيير بين ترك أصل المضاجعة وبين إبقائها مع الاستدبار وما شابهه، ويظهر هذا من السِّيد الإمام الخمينيO، قال: ".. جاز له هجرها في المضجع؛ إمَّا بأن يحوِّل إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل عن فراشها.."([31]).

وكذلك الشَّيخ زين الدين O حيث قال: ".. هجرها في المضجع، فيوليها ظهره في المنام ويبدي عدم الاهتمام بها، أو يعتزل فراشها، متدرجا كذلك من الأخف إلى الأشد.."([32]).

وكذلك السيد السيستاني B حيث قال: "..فإن لم ينفع الوعظ هجرها في المضجع إذا احتمل نفعه، كأن يحوّل إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل فراشها إذا كان يشاركها فيه من قبل..."([33]).

القول الرَّابع: هجر الكلام

هجر الكلام، وقد نقله الشَّيخ الطُّوسي في تفسيره([34]).

قال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: "وقيل: (اهْجُرُوهُنَّ) من الهجر وهو القبيح من الكلام، أي غلظوا عليهن في القول‏"([35]).

وقال الراغب الاصفهاني في مناقشة هذا القول: "وقول من قال: هجر الكلام‏ فليس بشي‏ء"([36]).

القول الخامس: الربط بالهجار

الربط بالهجار وهو نوع من الحبال، وقد نقل هذا القول الشَّيخ الطوسي حيث قال: "وقال بعضهم: «اهْجُرُوهُنَّ» اربطوهن بالهجار، من قولهم: هجر الرجل البعير إذا ربطه بالهجار". ثمَّ ناقشه بقوله: "وهذا تعسُّف في التَّأويل، ويضعفه قوله: {فِي الْمَضاجِعِ} ولا يكون الرباط في المضجع"([37]).

وقد وصف الشَّيخ الجوادي الآملي B القولين الرَّابع والخامس بأنَّهما من رواسب التفكّر الجاهلي، قال -ما مضمونه-: "يحسن القول بأنَّه قد حصل في تفسير {واهْجُرُوهُنَّ} إفراط وتفريط: بعضهم اعتقد بأنَّه مأخوذ من (الهُجر) بمعنى الكلام الفاحش، وبعضهم اعتقد أنَّه مأخوذ من (الهجار) بمعنى الحبال، وأنَّ معنى {واهْجُرُوهُنَّ} شدُّوهنّ بالهجار. أمثال هذه التَّفاسير المشوبة بالخشونة من رواسب التفكُّر الجاهلي. الزَّمخشري سمّى هذا بـ (تفسير الثُقلاء). إن تفسير (الهجر) من (الهجرة) بمعنى الترك والابتعاد تفسير معقول."([38]).

القول السَّادس: هجر الجماع

هجر الجماع، وهذا القول نقله الشَّيخ الطوسي أيضاً([39]) والظَّاهر أنَّ المراد هو أن يحافظ الزَّوج على المضاجعة مع الزَّوجة بل يحافظ أيضاً على الملاعبة وغيرها، وغاية ما يتركه هو الجماع([40]).

وقد نقل أمين الإسلام الطبرسي O قولاً بيّن السر في ذكر المضاجع في الآية مع أنَّ المراد هو الجماع بقوله: "..عن سعيد بن جبير قال وعنى به الجماع إلا أنه ذكر المضاجع لاختصاص الجماع بها.."([41]).

النُّقطة السَّادسة: حول العلاج الثَّالث وهو الضَّرب

إذا لم ينفع الوعظ ولا الهجر في المضاجع تصل النَّوبة للعلاج الثَّالث وهو الضَّرب، ولكن جواز هذا الضَّرب مشروط بعدَّة شروط يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في المبحث الثَّاني في النُّقطة السَّابعة، وسُيكتفى هنا بنقل بعض أقوال المفسرين فقط:

قال الشَّيخ الطوسي في التِّبيان: "و أما الضَّرب فانه غير مبرح بلا خلاف‏  قال أبو جعفر g: هو بالسواك."([42]).

وقال أمين الإسلام الطبرسي: "..فإن رجعت وإلا ضربها ضربا غير مبرح وقيل في معنى غير المبرح أن لا يقطع لحما ولا يكسر عظما وروي عن أبي جعفر[عليه السلام] أنَّه الضَّرب بالسواك"([43]).

وقال آية الله الشَّيخ الجوادي الآمليB: "عن أبي جعفرg في قوله تعالی:{فَعِظوهُنَّ واهجُروهُنَّ فِی المَضاجِعِ واضرِبوهُنّ..}، قال: يحوِّل ظهره إليها.. وفي معنی الضَّرب عن أبي جعفرg: أنَّه الضَّرب بالسواك. ..إذن لا بدَّ من القول بأنَّ المراد من ضرب النِّساء هو الضَّرب بحيث لا يؤدِّي إلى الإدماء أو ازرقاق البدن. إنَّ المراد من (الضَّرب بالسواك) الضَّرب الذي لا يصل لحد الجرح أو الزرقة كما قال النبي الأكرم e: اضربوهنّ إذا عصينکم في المعروف ضرباً غير مبرِّح"([44])

النُّقطة السَّابعة: تفسير قوله تعالى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبيراً}.

قال السيد العلامة الطباطبائي O: "قوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} «إلخ»؛ أي لا تتخذوا عليهنّ علة تعتلون بها في إيذائهن مع إطاعتهن لكم، ثم علل هذا النهي بقوله: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً، وهو إيذان لهم أن مقام ربهم علي كبير فلا يغرنهم ما يجدونه من القوة والشدة في أنفسهم فيظلموهن بالاستعلاء والاستكبار عليهن"([45]).

إنَّ الالتفات إلى المراقبة الإلهية للعبد في التعامل بين الزَّوجين كفيل بحل كثير من المشكلات وإصلاح كثير من الأخطاء.

وقال الشَّيخ الطوسي O في بيان قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبيراً}: "أي متعالياً عن أن يكلف إلا بالحق، ومقداره الطاقة، وقد قيل: معناه إنه قادر عليه، قاهر له، وليس المراد به علو المكان، لأن ذلك يستحيل عليه تعالى. والكبير السيد، يقال: لسيد القوم كبيرهم، والمعنى: فان استقمن لكم فلا تطلبوا العلل في ضربهن، وسوء معاشرتهن، فان اللَّه تعالى قادر على الانتصاف لهن"([46]).

إنَّ شريعة الله سبحانه وتعالى لا تظلم فرداً على حساب فرد آخر، وكيف لا تكون كذلك ومشرِّعها سبحانه عدل لا يجور، فلو جوّزت الشريعة للزوج أن يضرب زوجته النَّاشز -ضمن شروط وبعد عدم نفع الوعظ ولا الهجر- فهذا لا يعني أن الزَّوج يحق له الضَّرب كيفما شاء، ولا أنه يجوز له بعد رجوع الزَّوجة عن نشوزها أن يواصل الضَّرب، فالضَّرب إنما كان ضمن حدود معينة ولأجل هدف معيّن، وبعد ارتفاع حالة النُّشوز وتحقق الهدف المطلوب الذي فيه سعادة الزَّوجين لا محل للضَّرب. هكذا هي الشريعة الإسلامية المقدسة، تضع كلَّ شيء موضعه المحدَّد والصَّحيح.

"ثمّ أنّ اللّه سبحانه ذكّر الرجال مرّة أخرى في ختام الآية بأن لا يسيئوا استخدام مكانتهم كقيمين على العائلة فيجحفوا في حق أزواجهم، وأن يفكروا في قدرة اللّه التي هي فوق كل قدرة إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً" ([47]).

وقد استفاد الشَّيخ محسن قراءتي في تفسيره من هذا المقطع من الآية المباركة عدة نكات حاصلها:

  • ليس للزوج أيُّ حقٍّ في أذية زوجته المطيعة.
  • المراحل الثَّلاث(الموعظة والهجر والضَّرب) إنَّما هي لأجل زوجة مطيعة، فإذا أطاعت الزَّوجة ولو من طريق آخر ليس للزوج أن يواجهها، جملة: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} علامة على أنَّ الهدف هو الإطاعة ولو كان من طريق آخر.
  • المواجهة الخشنة والضَّرب إنما كانت لأجل أداء الوظيفة لا من أجل الانتقام والحقد.
  • أفضلية الرَّجل لا ينبغي أن تكون سبباً للغرور؛ لأنَّ الله تعالى هو الأعلى {إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً}
  • التَّوجه والالتفات لكون الله تعالى هو العلي مفتاح التقوى والابتعاد عن ظلم الزَّوجات([48]).

المبحث الثَّاني:: بيان أنَّ تجويز الشَّارع ضرب المرأة النَّاشز ليس ظلماً للمرأة

تكمن أهمية هذا البحث في دفعه لما قد يخطر في الذِّهن من تساؤلات أو ما يلقيه شياطين الإنس والجن من شبهات في ما يتعلَّق بالعلاج الثَّالث من علاجات لحالة نشوز الزَّوجة وهو تجويز ضرب الزَّوجة النَّاشزة، فقد يُتوهَّم أنَّ في هذا الحكم ظلماً للمرأة، وحتى يتَّضح بشكلٍ جلي أنَّ هذا الحكم -كغيره من أحكام الشَّريعة الإسلامية- لا ظلم فيه أبداً لا بدَّ من بيان عدَّة نقاط بمجموعها يتبيَّن الحال في هذا الحكم إن شاء الله وتندفع التَّساؤلات والشُّبهات.

النُّقطة الأولى: أحكام الشرع لا ظلم فيها

ينبغي أن يُعلم أنَّ كلَّ حكم شرعي من أحكام الله تعالى لا ظلم فيه لأحدٍ رجلًا كان أم امرأة، وكيف لا يكون كذلك والمشرِّع لهذا الحكم هو الحَكم العدل الذي لا يجور.

"فالعقلاء عندما يثقون بأحد فإنَّما يثقون به لواجديته لصفات ثلاث العلم والحكمة والنصيحة فلو كان عالماً غير حكيم أو حكيماً غير ناصح أو ناصحاً مخلصاً إلا إنَّه غير عالم بحقائق الأمور أو غير عارفٍ بأوجه المصالح والمفاسد فإنَّه لا يكون جديراً بالثقة، ونحن كمسلمين نؤمن بعلم الله المطلق بجميع أوجه المصالح والمفاسد وبحكمته غير المتناهية عند حد وبأنَّه أرأف بعباده من الأم الرؤوم وسعت رحمته كل شيء وهو الشفيق الودود والذي وعد بمساءلة الظالمين وإدانتهم"([49]).

النُّقطة الثَّانية: الجهل بحكمة بعض الأحكام الشرعية لايعني ظلمها

ينبغي أن يعلم أيضاً أنَّ جهلنا بحِكمة بعض الأحكام الشرعية وعدم تعقُّلنا لها لا يعني نسبة الظلم للشارع المقدّس، ولا سبيل لنا لمعرفة علة وحكمة الأحكام الشرعية إلا بمقدار ما أطلعنا عليه الشارع المقدَّس نفسه من خلال الروايات الواردة عن النبي الأعظمe أو عن آله الطاهرينi، نعم يمكن حدس بعض الحِكَم لبعض الأحكام الشرعية على مستوى الظنِّ والاستقراب، ولكن يبقى جهلنا بأسرار عالم التشريع -كجهلنا بأسرار عالم التَّكوين- أكبر ممَّا نعلمه، وعليه فبعض ما سيذكر خلال هذه النُّقاط إنَّما هو من باب الحدس.

ولا يخفى أنَّ في هذه النُّقطة وسابقتها جواباً عن كلِّ شبهة يمكن أن تُطرح قبال أحكام الدين الإسلامي.

قال الشَّيخ مصباح اليزدي O ما حاصله ومضمونه: "عقل الإنسان المادي المتعارف أكبر قصوراً من أن يكون قادراً على إدراك تفاصيل وجزئيات هذه الأمور. إنَّ ما يأتي إلى ذهن الإنسان ليس أكثر من كليات وبعض الجزئيات؛ لأنَّ البشر غير قادرين على معرفة كلِّ المصالح والمفاسد الواقعية وإلا لاستطاع الإنسان وضع الأحكام والقوانين الأخلاقية والحقوقية المؤمِّنة للسَّعادة والكمال الحقيقين للجميع، وفي هذه الصورة سيكون غنياً عن الوحي والنُّبوة والدِّين. إنَّ سرَّ حاجة البشر الدَّائمة إلى الوحي والنُّبوة هو عجز عقله، ولأجل ذلك لا يمكن الادِّعاء بأنَّ الإنسان عَلِم بجميع المصالح والمفاسد، ولا يمكن الادِّعاء بأنَّه يقدر على التَّوجيه العقلاني لجميع الأحكام والقوانين الإلهية. الله تعالى فقط هو المحيط بجميع المصالح والمفاسد والكسر والانكسار بينها ودقائق الأمور.."([50]).

النَّقطة الثَّالثة: الإسلام منظومة متكاملة فلا ينظر اليه نظرة جزئية

الإسلام منظومة متكاملة جاءت من الله تعالى لتنظِّم حياة النَّاس في كلِّ الجوانب والمجالات، وبين أحكام هذه المنظومة ترابط، فمن أراد أن يعرف نظر الإسلام في قضية ما (كنظرته للمرأة) لا يصحُّ له أن يقتطع آية أو رواية في ضمن هذه المنظومة المتكاملة وينظر إليها نظرة مقطعية جزئية ليصدر حكمه، بل عليه -إن كان منصفاً- أن يتأمَّل في كلِّ الآيات والرِّوايات إن كانت عنده الأهلية أو يرجع إلى المختصين في فهم الدِّين.

وهذا الأمر لا يختص بالمنظومة الإسلامية؛ فإنَّه لو أردنا أن نقيَّم قانوناً وضعياً في مسألة من المسائل كمعرفة قوة هذا القانون وإحكامه في تنظيم حركة المرور في الشوارع مثلاً لا يصحُّ لنا أن ننظر إلى قانون أو قانونين متعلّقين بتنظيم حركة المرور لنرى مدى إتقانهما بل الصحيح هو النظر لحزمة القوانين المرتبطة بالمرور وتقييمها بأجمعها.

النُّقطة الرَّابعة: المراد من النشوز معنى خاصّ مصطلح

المراد من النُّشوز هو النُّشوز بالمعنى الشَّرعي وهو الذي تقدَّم معناه وضابطته في المبحث الأوَّل في النُّقطة الأولى، فليست المرأة التي تترك بعض الوظائف المستحبة عليها كالطَّبخ وغير ذلك من الأعمال في المنزل ناشزة حتى يجوز ضربها إذا تركت ذلك، نعم يحسن جداً لها أن تراعي هذه الوظائف إذ الحياة الزَّوجية ليست قائمة على فعل الوظائف الواجبة فحسب، بل هي قائمة على المودة والرحمة، ولكن تركها لذلك لا يعني أنَّها ناشز شرعاً حتى يجوز ضربها.

وليست المرأة التي لا تطيع زوجها في غير حقوقه الواجبة - كالتَّمكين وعدم الخروج من المنزل إلا بإذنه- ناشزة حتى يجوز ضربها لو لم تطعه في ذلك، وليست المرأة التي ترفع صوتها في لحظة غضب ناشزة حتى يجوز ضربها وإن كانت آثمة فيما لو تجاوزت الحدود الشَّرعية، ويجب نهيها عن المنكر مع توافر شروطه، ولكن مجرَّد فعلها للحرام -كإهانة الزَّوج أو غير ذلك- لا يسوِّغ للزَّوج ضربها؛ إذ هي ليست بذلك ناشزة، وغير ذلك من الموارد التي قد يرى فيها بعض الأزواج غير المراعين لحدود الشَّارع المقدَّس مبرِّراً لضرب الزَّوجة مع أنَّ الشَّارع المقدَّس لم يجوِّز لهم ذلك.

نعم لو فعلت الزَّوجة حراماً يجب نهيها عن المنكر مع توفُّر شرائطه ومع مراعاة مراتبه.

وبناء على ذلك فكثير من الحالات التي تقع في الخارج من ضرب الزَّوج لزوجته لا يمكن أبداً نسبتها للإسلام ولا يمكن القول بأنَّ الإسلام هو الذي جوَّز للزَّوج الضَّرب في تلك الحالات، بل الإسلام لم يجوِّز الضَّرب إلا في حالات قليلة وبشروط محدَّدة يأتي بيانها.

النُّقطة الخامسة: استحقاق الضرب لفرد ليس ظلما لتمام الجنس

إنَّ من يتوهَّم أنَّ ضرب المرأة النَّاشزة في ضمن حدود ضيِّقة وبشرائط معيَّنة فهو في الحقيقة يؤمن في نفسه بقضيتين:

الأولى: إنَّ كل ضرب وإيذاء -مهما كان مقداره- ظلم.

الثَّانية: إنَّ الظلم الواقع على بعض أفراد النِّساء -وإن قلَّ عددهم- ظلم لكلِّ النِّساء.

فمن خلال هاتين القضيتين توهَّم أنَّ ضرب المرأة ظلم(لكون ضربها من صغريات القضية الأولى) وأنَّ كلَّ ظلم يقع على فرد من أفراد الجنس فهو ظلم للجنس كلِّه(وهذا من صغريات القضية الثَّانية)، فوصل إلى هذه النَّتيجة؛ وهي أنَّ ضرب المرأة النَّاشز ظلم لجنس المرأة.

والحال أنَّ هاتين القضيتين غير صحيحتين، فمن قال بأنَّ كلَّ ضربٍ ظلم؟ أليس المذنب والمخطئ قد يعاقب بالضَّرب، بل حتى أكثر من الضَّرب في القوانين الوضعية والإلهية على حدٍ سواء؟ إذن فالمذنب يستحقُّ العقوبة التي تناسبه، فالقضية الأولى-على إطلاقها- باطلة، ولا أقلَّ من أنَّها لا دليل على صحَّتها بشكلٍ كلِّي.

وبعبارة أخرى:

يحتاج كلُّ من أراد إثبات  هذه القضية وهي: (كل ضرب وإيذاء بجميع مستوياته -حتى القليلة منه وحتى التي تقع لتحقيق مصلحة أكبر أو لدفع مفسدة أعظم- ظلم) إلى دليل وتوجيه وهو مفقود.

قال صاحب تفسير الأمثل: "إنّ الآية تسمح بممارسة التَّنبيه الجسدي في حقِّ من لا يحترم وظائفة وواجباته، الذي لا تنفع معه أية وسيلة أخرى، ومن حسن الصُّدف أنَّ هذا الأسلوب ليس بأمر جديد خاص بالإسلام في حياة البشر، فجميع القوانين العالمية تتوسَّل بالأساليب العنيفة في حقِّ من لا تنجح معه الوسائل والطُّرق السلمية لدفعه إلى تحمُّل مسئولياته والقيام بواجباته، فإنَّ هذه القوانين ربّما لا تقتصر على وسيلة الضَّرب، بل تتجاوز ذلك -في بعض الموارد الخاصَّة- إلى ممارسة عقوبات أشدُّ تبلغ حدِّ الإعدام والقتل"([51]).

وكذلك القضيَّة الثَّانية غير صحيحة؛ فإنَّ استحقاق فرد من الأفراد للعقوبة والضَّرب لا يعني أنَّ ذلك ظلم لجنسه في مقابل الجنس الآخر، فلو استحق أحد من الرِّجال أو النِّساء عقوبة ما لجرم اقترفه هو فهل هذا يعني أنَّه ظلم لكل الجنس الذي ينتمي إليه؟!

النُّقطة السَّادسة: الضرب حكم متوجه لفئة صغيرة جدّا من الناشزات

إنَّه لو تأملنا في شروط هذا الحكم(أي تجويز ضرب المرأة النَّاشز) وحدوده- والتي سيأتي بيانها في النُّقطة القادمة- فإنَّنا سنرى أنَّ وقوع هذا الحكم في الخارج -بحدوده الشرعية- قليل جداً، فلو أخرجنا أولاً النِّساء غير المتزوِّجات اللواتي لا يتصوَّر وقوع النُّشوز منهنَّ من باب السَّالبة بانتفاء الموضوع؛ إذ موضوع جواز ضرب النَّاشزة هو كون المرأة ناشزة، وكونها كذلك متوقف على كونها زوجة، فغير المتزوجات خارجات تخصصاً عن هذا الحكم.

ثمَّ إن تحقَّق حالة النُّشوز من المتزوجات -لعلها- ليست الحالة الغالبة، وينبغي الالتفات هنا إلى أنَّ المراد من النُّشوز -كما تقدم في النُّقطة الرَّابعة- هو النُّشوز بالمعنى الشَّرعي، لا كل تخلّف من الزَّوجة، فيمكن القول بأنَّ أكثر المتزوجات لا تتحقق منهن حالة النُّشوز وهؤلاء لا يجوز ضربهن كما هو واضح، وإن صدرت منهنَّ بعض التَّصرفات غير الصحيحة بل المحرَّمة شرعاً.

ثمَّ نأتي إلى المتزوجات اللواتي تحقَّقت منهنَّ حالة النُّشوز فإنَّ كثيراً منهنّ قد ينفع معهنّ العلاج الأوَّل وهو الوعظ، وإن لم ينفع فكثير منهنَّ، قد ينفع معهنَّ العلاج الثَّاني وهو الهجر في المضاجع، ومن ينفع معهنَّ، العلاجين الأوَّلين لا يحقُّ للزَّوج أن ينتقل إلى العلاج الثَّالث وهو الضَّرب بناء على الترتُّب بين العلاجات الثَّلاثة كما تقدَّم تفصيل الكلام فيه في المبحث الأوَّل في النُّقطة الثَّالثة.

ثمَّ إنَّ المتزوِّجات النَّاشزات اللواتي لم ينفع معهنَّ العلاجان الأوَّلان لا يجوز ضربهما مطلقاً ومن دون مراعاة أي شرط، بل هناك شروط عديدة وصعبة التحقق -سيأتي بيانها في النُّقطة التَّالية إن شاء الله تعالى- فمتى لم تتحقَّق الشُّروط بأجمعها لم يجز الضَّرب وإن تحقق النُّشوز ولم يفد العلاجان الأوَّلان.

وبالجملة فإنَّ من مجموع النِّساء كلهنَّ إنما يجوز شرعاً ضرب عدد قليل جداً منهن، وذلك بعد إخراج الفئات التَّالية من حكم جواز الضَّرب:

  1. النِّساء غير المتزوجات. 
  2. النِّساء المتزوجات اللواتي لم تتحقق منهن حالة النُّشوز.
  3. النِّساء اللواتي تحققت منهن حالة النُّشوز، ولكن نفع معهن العلاج الأوَّل وهو الوعظ.
  4. النِّساء اللواتي تحققت منهن حالة النُّشوز ولم ينفع معهن العلاج الأوَّل ولكن نفع معهن العلاج الثَّاني وهو الهجر في المضاجع.
  5. النِّساء اللواتي تحققت منهن حالة النُّشوز ولم ينفع معهن العلاجان الأوَّلان ولكن لم تتحقق كلّ شروط جواز الضَّرب، وإن تحققت كل الشروط ما عدا واحداً.

فكلُّ هذه المجموعات الخمس من النِّساء لا يجوز ضربهن، فكيف يكون تجويز ضرب عدد قليل جداً من النِّساء وفي حالات محدَّدة وبشروط دقيقة -يأتي بيانها- ظلماً لجنس المرأة؟!

النُّقطة السَّابعة: حدود و شروط ضرب الزوجة الناشزة

إنَّ ضرب الزَّوجة النَّاشز المشرِّع في الإسلام إنمّا هو في حدود ضيقة وبشروط متعددة صعبة التحقّق بأجمعها، وما إن ينتفِ أحد هذه الشروط يحرم ويؤثم فاعله وقد يترتّب عليه الدية أو القصاص.

قال السِّيد السيستاني في منهاجه -وفي ضمنه بيان لشروط الضَّرب-: "إذا نشزت الزَّوجة جاز للزَّوج أن يتصدَّى لإرجاعها الىٰ طاعته‌، وذلك بأن يعظها أوّلًا، فإن لم ينفع الوعظ هجرها في المضجع إذا احتمل نفعه، كأن يحوّل إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل فراشها إذا كان يشاركها فيه من قبل، فإن لم يؤثِّر ذلك ايضاً جاز له ضربها إذا كان يؤمِّل معه رجوعها إلىٰ الطَّاعة وترك النُّشوز، ويقتصر منه علىٰ أقل مقدار يحتمل معه التأثير، فلا يجوز الزِّيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلّا تدرج إلىٰ الأقوى فالأقوى ما لم يكن مدمياً ولا شديداً مؤثراً في اسوداد بدنها أو احمراره، واللازم أن يكون ذلك بقصد الإصلاح لا التَّشفي والانتقام، ولو حصل بالضَّرب جناية وجب الغُرم.

وإذا لم تنفع معها الاجراءات المتقدِّمة وأصرَّت علىٰ نشوزها فليس للزَّوج أن يتّخذ ضدَّها إجراءً آخر، سواء أكان قولياً كإيعادها بما لا يجوز له فعله -بخلاف الإيعاد بما يجوز له كالطَّلاق أو التَّزويج عليها- أو كان فعلياً كفرك أذنها أو جرِّ شعرها أو حبسها أو غير ذلك، نعم يجوز له رفع أمره إلىٰ الحاكم الشَّرعي ليلزمها بما يراه مناسباً كالتَّعزير ونحوه"([52]).

يستفاد من كلام السِّيد السِّيستاني B أنَّ هناك شروطًا مشدّدة يحصل للمتأمِّل فيها الحدس القوي(وإنما عبَّر بالحدس لما تقدَّم في النُّقطة الثَّانية من أنه لا سبيل للجزم بعلل الأحكام من دون نص نفس الشارع المقدس) بأنَّ تشريع الضَّرب في هذه الحدود الضَّيقة إنما هو لأمر أهم وهدف سامٍ، وهو الحفاظ على الحياة الزَّوجية عن طريق تخلّي الزَّوجة عن نشوزها، والشُّروط -بإضافة شرط كون المرأة ناشزًا الذي هو شرط لتحقق موضوع جواز الضَّرب- هي التَّالية:

الأوَّل: إنَّما تصل النَّوبة للضَّرب مع عدم نفع الوعظ والهجر.

الثَّاني: إنما يجوز له الضَّرب "إذا كان يؤمل معه رجوعها إلى الطَّاعة وترك النُّشوز"، فمع علمه بعدم تحقّق أي أثر للضرب وأنّها ستواصل نشوزها لا يجوز له الضَّرب. إنَّ المتأمل في مثل هذا الشَّرط يحدس حدساً قوياً بأنَّ الغرض الحقيقي من تشريع الضَّرب هو رجوع المرأة إلى الطاعة وموافقة الزَّوج بما يضمن استمرار الحياة الزَّوجية، وكأنَّ الضَّرب لأجل تنبيه المرأة لخطئها وأنَّ هذا النُّشوز منها يهدّد حياتها الزَّوجية، وما ذاك إلا من باب الشَّفقة والرَّأفة بها، وحفاظاً على حياتها الزَّوجية.

الثَّالث: "ويقتصر منه علىٰ أقل مقدار يحتمل معه التأثير، فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به".

الرَّابع: التَّدرج في الضَّرب الأقوى فالأقوى فلا يجوز له أن يضرب الضَّرب الأقوى مع احتمال تأثير الأقل قوة.

الخامس: "ما لم يكن مدمياً ولا شديداً مؤثراً في اسوداد بدنها أو احمراره".

ومن الواضح أنَّ الضَّرب الذي لا يؤدي حتى إلى الاحمرار هو ضرب خفيف قد لا يحصل معه ألم معتد به أصلًا. مثل هذا الشرط يُحدس معه أنَّ الهدف من تشريع ضرب المرأة هو تنبيهها على خطئها ليس إلا، وبكلمة أخرى: الهدف هو الألم النفسي الذي يستتبع مثل هذا الضَّرب والذي من شأنه أن يُخرج المرأة من حالة تمردها.

السَّادس: "واللازم أن يكون ذلك بقصد الإصلاح لا التَّشفي والانتقام".

إنَّ مثل هذا الشَّرط واضح في تبرئة الدِّين الإسلامي العزيز من تهمة ظلمه للمرأة في تشريع ضرب النَّاشز؛ فإنَّ الإسلام كما أنَّه شرَّع للزَّوج الضَّرب في ضمن هذه الشُّروط ألزمه بتصحيح نيته في الضَّرب وأن لا تفارقه نية الإصلاح أبدًا.

السَّابع: "و لو حصل بالضَّرب جناية وجب الغُرم".

لو تعدَّى الزَّوج بضربه للزوجة النَّاشز فحصلت جناية كتعطيل عضو أو ما شابه ثبت القصاص أو الدية، وهذا يعني أنَّ الإسلام قد حفظ للزوجة النَّاشز حقَّها من أن يتعدَّى عليها بأكثر من المقدار الجائز.

ليس معنى أن يجوِّز الإسلام للزَّوج الضَّرب ثمَّ يثبت على الزَّوج نفسه القصاص أو الدية في بعض الحالات إذا تعدَّى على زوجته النَّاشز إلا أنَّ الإسلام دقيق في مراعاة حق الزَّوجة وإن كانت ناشزًا.

الثَّامن: "وإذا لم تنفع معها الاجراءات المتقدّمة وأصرّت علىٰ نشوزها فليس للزوج ان يتّخذ ضدها اجراءً آخر..".

فليس للزوج أن يواصل الضَّرب -حتى الضَّرب المتوفِّر على الشروط السَّابقة- ما دام أنَّه لم يصل إلى نتيجة. وهذا واضح في كون الهدف من هذا الضَّرب هو رفع حالة النُّشوز الموجودة عند الزَّوجة والتي تُؤذن بانهيار العلاقة الزَّوجية ؛ لذا لو وصل الأمر إلى عدم نفع كلِّ هذه الإجراءات حتى الضَّرب فليس للزَّوج أن يتَّخذ إجراء آخر.

إنَّ الالتفات إلى هذه الشُّروط يوصلنا إلى نتيجة مهمَّة وهي أنَّ ضرب الزَّوج لزوجته -بالشَّكل الذي يرضاه الشَّارع الأقدس- قلَّما يقع في الخارج؛ إذ وقوع حالة النُّشوز من الزَّوجة ليست هي الحالة الغالبة، وحتى لو وقع النُّشوز منها قد يكون الوعظ أو الهجر نافعًا في رجوعها عن حالة النُّشوز وعليه فلا تصل النوبة للضرب، ولو لم ينفع الوعظ ولا الهجر لزم على الزَّوج أن يحقق كلَّ هذه الشروط الثَّمانية- بحسب رأي السِّيد السِّيستاني- حتى يسوغ له الضَّرب، فكأن تشريع مثل هذا الضَّرب إنما هو لأجل أن لا يقع نشوز وبالتالي لا يقع ضرب لناشز، خصوصاً مع الالتفات إلى صعوبة تحقيق بعض الشروط المتقدمة.

النقطة الثامنة:ترتّب العقوبات يقع على الرجل العاصي كما يقع على المرأة الناشز

"ولو قيل: إنَّ مثل هذا الطغيان والعصيان والتمرد على الواجبات الزَّوجية والعائلية قد يقع من قبل الرجال أيضا، فهل تشمل هذه المراحل الرجال أيضا؟

أي أيمكن ممارسة هذه الأمور ضد الرجل كذلك، أم لا؟

نقول في الإجابة على ذلك: نعم إنّ الرجال العصاة يعاقبون حتى بالعقوبة الجسدية أيضا- كما تعاقب النِّساء العاصيات النَّاشزات- غاية ما هنالك أن هذه العقوبات حيث لا تتيسر للنِّساء، فإنَّ الحاكم الشرعي مكلف بأن يذكر الرجال المتخلفين بواجباتهم وظائفهم بالطرق المختلفة وحتى بالتعزير (الذي هو نوع من العقوبة الجسدية)"([53]).

النُّقطة التَّاسعة: الزوج أولى من ينهى الزوجة الناشز عن المنكر

إذا ارتكب الزَّوجة ذنباً -كالنُّشوز- فأولى النَّاس بأن يقوم بنهيها عن المنكر هو الزَّوج، فما يقوم به الزَّوج إنما هو من هذا الباب.

يقول الشَّيخ الجوادي الآملي حفظه الله تعالى-بما مضمونه-: "إذا لم تعمل الموعظة عملها ولم تؤثر في الزَّوجة النَّاشز، ولم تعتنِ كذلك بالهجر تصل النوبة للمرحلة الإصلاحية الثَّالثة؛ لأنه يُحتمل أنَّ لها ميلاً وعلاقة قلبية بشخص آخر ولا ميل ولا علاقة عندها بزوجها؛ إذ لو كان لها علاقة قلبية بزوجها لجاءت وحضرت في فراشه وتركت النُّشوز. يجب على الزَّوج العادل النهي عن المنكر ومنع الزَّوجة عن الاستمرار في المعصية وإجبارها على العمل بوظائفها الشرعية. إنَّ النهي عن المنكر واجب ولأجل إجرائه من هو الأنسب: الأجنبي أم القريب؟

من البديهي أن الأفضل عدم إفساح المجال للأجنبي للدُّخول في حريم الأسرة وأن يتكفَّل نفس الزَّوج منع الزَّوجة عن الذَّنب، وذلك كما أفتى بعض الفقهاء بأنه في عصر الغيبة يمكن للزوج أن يجري الحدود الإلهية على زوجته وينبهها على خطئها.

إن معنى هذا الكلام هو قيّوميّة حكم الله تعالى على المرأة لا جعل الرجل قيّماً عليها. إذن فالزَّوج في مثل هذه الموارد يذكّر وينبّه زوجته من باب النهي عن المنكر لا في موارد أخرى حتى لو لم تكن تقوم بالأعمال المنزلية المتعارفة.

ويحسن القول بأن الضَّرب لا يجوز أن يكون إفراطياً بمعنى أنه يسبّب الجرح أو الكسر أو ازرقاق البدن؛ ولذلك جاء في بعض الروايات أنها تُضرب بالسواك. ويستفاد من هذا الحديث أنه في صورة تجويز الضَّرب ليس للزوج حق بأن يضربها في مقابل غضبه كما يريد، بل لابد أن يضرب بالمقدار والكيفية التي تكون منبّهة لها على خطئها"([54]).

النُّقطة العاشرة: ضرب الناشز أولى من تفتت الأسرة و ضياعها

وهنا نقف مع كلام للعلامة الشَّيخ محمد تقي مصباح اليزديO يبيّن فيه بعضاً من جوانب هذا الحكم(أي حكم تجويز ضرب المرأة النَّاشز)، قال – ما مضمونه-: "إنَّ الاختلافات الأسرة والنزاعات بين الزَّوج والزَّوجة من المسائل التي التفت إليها القرآن الكريم؛ ولذلك اختصّت عدة آيات بهذا الأمر. من المؤسف أنَّ الاختلافات الأسرية كانت موجودة من صدر الإسلام حيث المسلمون لم يتلقّوا بعدُ التعليم الإسلامي والتربية الإٍسلامية كما ينبغي، إلى هذا الزَّمان حيث المسلمون في أنحاء العالم وقعوا بشكل أو بآخر تحت تأثير الثَّقافة المادية والمنحطة عند الغرب ونسوا التَّعليم الإسلامي والتربية الإسلامية ولم يعملوا بها. إنَّ هذه الاختلافات كانت موجودة دائماً وبدرجات مختلفة وقد حرمت هذه الاختلافات الأفراد من المحبة والمودة في داخل الأٍسرة. ولذلك يهتمّ القرآن الكريم اهتماماً كبيراً بتقوية وتعزيز بنيان الأسرة ويسعى بأيِّ طريق ممكن إلى عدم السماح للاختلافات والنزاعات أن تصل لهذا البناء الاجتماعي(أي الأٍسرة).

إنَّ أحد العوامل المؤدية للاختلافات في محيط الأسرة هو النُّشوز بمعنى امتناع المرأة من أن ينتفع منها زوجها انتفاعاً جنسياً.

ينبغي الالتفات إلى أنَّ أحد أهم حقوق الزَّوج في الأسرة حق الانتفاع الجنسي من زوجته. كما أنَّ للزوجة هذا الحق أيضاً؛ ولأجل ذلك يجب على الزَّوجة أن تراعي هذا الحق المعيّن والثابت للزوج وأن تمكّن نفسها لزوجها. إنَّ المرأة التي ليست مستعدة للتمكين الجنسي عاصية للحكم الإلهي. إنَّ هذا الاختلاف بين الزَّوجين ليس من الاختلافات في أمر ذوقي بل في هذه الموارد يريد أحد طرفي الاختلاف (وهي الزَّوجة) أن يتعالى على القانون وهذا ليس أمراً سهلاً يمكن التغاضي عنه بسهولة. مع كلِّ ذلك لا يجوّز القرآن الكريم استعمال العنف والضَّرب مع سعيه الكامل لتقليل أو حذف الاختلافات الأسرية بأفضل الطرق في مثل هذه الموارد. فحتى في مثل هذه الموارد لا يجوّز استعمال العنف والضَّرب.

يقول القرآن الكريم: واللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِی الْمَضاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً (النِّساء 34)

تلاحظون هنا أنَّ الزَّوج – الذي مُنع عن حقه الأساسي والطبيعي- لا يمكنه أن يستعمل الخشونة والعنف مع زوجته التي منعته عن الاستفادة من حقه خلافاً للقانون. في البدء لابد أن يعظها باللسان الليّن والكلام الطيب حتى تترك هذا العمل الخاطئ(أي النُّشوز)، وإذا لم تعمل النصيحة والموعظة عملها يترك معاشرتها ويهجرها في الفراش. إذا لم ينفع هذا التأديب النفسي والروحي أيضاً ليس أمام الرجل سوى ثلاثة طرق:

الأوَّل: أن يستمرّ في حياته المشتركة مع زوجته بدون أن يستفيد من حقه الأصلي والأوَّلي والطبيعي، ومن الواضح أن تحمّل مثل هذا الحرمان في الوضع الطبيعي ليس ممكناً ولا مطلوباً.

الثَّاني: أن يطلّق زوجته، وهذا يعني انتفاء أساس الأسرة وهذا تتبعه أضرار كثيرة.

ولأجل أنَّ الطلاق أبغض الحلال جاء القرآن في النهاية ليستفيد من الحل الأخير لعل الأسرة والحياة الزَّوجية تبقى ولا تتلاشى، وهذا الحل هو ضرب الزَّوج لزوجته. طبعاً هذا الطريق الثَّالث له شروط وحدود جاء ذكرها في الكتب الفقهية ومنها أنَّ البدن لا يُجرح ولا يصير أسود أو أزرق... إذا أثّر هذا الضَّرب أثره ومكّنت الزَّوجة نفسها لزوجها فبها، وفي هذه الصورة ليس للزوج حق آخر. إنَّ ضرب الزَّوجة(بهذه الأوصاف والشروط) في الواقع هو الدواء الأخير الذي يُجوَّز لأجل منع تلاشي الأسرة.... إنَّ الطريق الذي يقدِّمه القرآن الكريم هو الطريق الأكثر واقعية والأكثر معقولية والأكثر إنتاجاً وهو الأعدل لأجل منع النُّشوز والطلاق..."([55]). 

الخاتمة:

يمكن تلخيص أهمّ ما تقدَّم ذكره في نقاط:

النُّقطة الأولى: هناك خلاف فيما يتحقّق به نشوز الزَّوجة، فهناك من قال بأنَّه يتحقّق بترك التمكين الجنسي، وهناك من قال بأنَّه كما يتحقّق به يتحقّق أيضاً بخروجها من بيتها من دون إذن الزَّوج، وهناك من قال بأنَّه كما يتحقّق بالأمرين السابقين(ترك التمكين والخروج من بيتها دون إذن الزَّوج) يتحقّق أيضاً بعصيان أمر الزَّوج أو نهيه في غير معصية الله تعالى.

النُّقطة الثَّانية: شرَّع الإسلام ثلاثة علاجات لنشوز الزَّوجة:

 العلاج الأوَّل: الوعظ.

 العلاج الثَّاني: الهجر في المضاجع، وفي معناه أقوال منها: استدبار الزَّوج للزوجة وترك ملاعبتها، ومنها: ترك الزَّوج أصل المضاجعة، وغير ذلك.

العلاج الثَّالث: الضَّرب.

النُّقطة الثَّالثة: ليس في تجويز ضرب المرأة النَّاشز -بعد عدم نفع الوعظ ولا الهجر في المضاجع- ظلم، وذلك للأمور التَّالية:

1ـ الله تعالى عادل لا يظلم وليس في تشريع من تشريعاته ظلم لأحد وإن جهلنا حكمة بعض الأحكام.

2ـ وقوع هذا الضَّرب في الخارج بحدوده الشَّرعية قليل جداً.

3ـ تعدَّد شروط جواز الضَّرب وصعوبة تحصيلها بأجمعها.

4ـ يُحدس قوياً من خلال شروط جواز الضَّرب أنَّ الهدف هو إصلاح العلاقة الزَّوجية، وترك الزَّوجة لحالة النُّشوز التي تمثِّل مشكلة كبيرة تقع في الحياة الزَّوجية فتهدَّد كيانها.

5ـ إنَّ تجويز الضَّرب بحدوده الشَّرعية التي تقدَّم ذكرها أولى من بقاء حالة نشوز الزَّوجة التي تكون عادة غير محتملة من الزَّوج ولا مطلوب منه احتمالها، وأولى من الطَّلاق الذي يعني تلاشي أساس الأسرة التي أراد الإسلام الحفاظ عليها بأفضل الطُّرق.

هذا، والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّد وآله الطَّاهرين، وعجِّل فرجهم.


([1]) تفسير تسنيم(باللغة الفارسية)، ج 18 ص558 -  559 

 وينبغي الإشارة إلى أنَّ الكلمات التي نُقلت من المصادر الفارسية في هذه المقالة قد تمّت ترجمتها بالمضمون لا بالنص، ولذلك قد لا تعكس – في بعض الموارد- بشكل دقيق وكامل مراد كاتبها.

([2]) تفسير الأمثل، الشيخ مكارم الشيرازي، ج 3 ص 219

([3]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 345

([4]) مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ الطبرسي، ج‏3، ص: 68

([5]) مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ الطبرسي، ج‏3، ص: 69

([6]) تفسير تسنيم(باللغة الفارسية)، ج 18 ص558 -  559

([7]) منهاج الصالحين المعاملات ج 2،السيد علي السيستاني، كتاب النكاح مسألة350

([8]) كلمة التقوى، الشيخ محمد أمين زين الدين، ج 7، ص 133، مسألة 373

([9]) الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 189-190

([10]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 345

([11]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 345

([12]) تفسير تسنيم(باللغة الفارسية)، ج 18 صفحه562

([13]) تحرير الوسيلة ج 2 ص 328

([14]) التبيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 190

([15]) مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 69

([16]) تفسير نور(بالفارسي)، الشيخ محسن قراءتي، ج‏2، ص: 62

ومن الواضح أنَّ هذه النكتة -كما أشير إليه- مبتنية على أنَّ الخوف بمعناه لا بمعنى العلم،أما لو كان الخوف بمعنى العلم فلا تأتي هذه النكتة إذ لا يوجد في الآية -بحسب القول بأن الخوف بمعنى العلم- سوى ترتيب الأحكام والعلاجات الثلاثة على وقوع حالة النشوز بالفعل في الخارج لا على خوف وقوعها فلا معنى حينئذٍ لأن يستفاد من الآية نكتة ضرورة التفكير في حل المشاكل بمجرد وقوعها.

([17]) نظام النكاح في الشريعة الإسلامية الغراء، الشيخ السبحاني، ج 2 ص 301

([18]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 345

([19]) تفسير تسنيم(باللغة الفارسية)، ج 18 ص563

([20]) المعجم الأصولي، الشيخ محمد صنقور، ج2 ص 530

([21]) تفسير نور(بالفارسي)، الشيخ محسن قراءتي ج‏2، ص: 63

([22]) منهاج الصالحين، الشيخ التبريزي، ج2 ص354 مسألة 1365 

منهاج الصالحين، السيد الخوئي، ج2 ص282 مسألة 1365

([23]) منهاج الصالحين، السيد السيستاني، كتاب النكاح، مسألة 353

([24]) کلمة التقوى، الشيخ محمد أمين زين الدين، ج7 ص، 135 مسألة 376 

([25]) الامثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج‏3، ص: 219

([26]) التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، ج‏3، ص: 190

([27]) کلمة التقوى الشيخ محمد أمين زين الدين، ج7 ص، 135 مسألة 376 

([28]) التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، ج‏3، ص: 191

([29]) مجمع البيان في تفسير القرآن،الشيخ الطبرسي ج‏3، ص: 69

([30]) الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج‏4، ص: 345

([31]) تحرير الوسيلة، ج2، ص 328، مسألة1

([32]) كلمة التقوى، ج 7، ص 135، مسألة 376

([33]) منهاج الصالحين، السيد السيستاني، كتاب النكاح، مسألة 353

([34]) التبيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 191

([35]) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي ج5 ص 171

([36]) تفسير الراغب الاصفهاني ج2 ص 1224

([37]) التبيان في تفسير القرآن،الشيخ الطوسي، ج‏3، ص: 191

([38]) تفسير تسنيم(باللغة الفارسية)، الشيخ الجوادي الآملي، ج 18 ص 560

([39]) التبيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 191

([40]) وقد يرد هنا توهم حاصله: إذا كان نشوز الزوجة يتحقق بتركها للتمكين الجنسي فكيف يكون علاج ذلك بهجر الجماع الذي هو حاصل من قبل بسبب تركها للتمكين الجنسي؟ وبعبارة أخرى: كيف يعالج الزوج نشوز زوجته -الذي هو عبارة عن امتناعها عن التمكين- بترك الجماع؟ والجواب هو أن معنى النشوز لا ينحصر في ترك التمكين الجنسي كما تقدم بحثه في النقطة الأولى في المبحث الأول على الخلاف في ذلك بل يتحقق بمثل خروجها من بيته من غير إذنه أو عصيان أمره كما تقدم بحثه.

([41]) مجمع البيان في تفسير القرآن، الشيخ الطبرسي، ج‏3، ص: 69

([42]) التبيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 191

([43]) مجمع البيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 69

([44]) تفسير تسنيم، الشيخ الجوادي الآملي، ج 18 ص 576

([45]) الميزان في تفسير القرآن،العلامة الطباطبائي، ج‏4، ص: 345

([46]) الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، ج‏3، ص: 191

([47]) الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 221

([48]) تفسير نور، ج‏2، ص: 62-63

([49]) من مقال للشيخ محمد صنقور البحراني حول جعل القيمومة للرجل. 

https://hodaalquran.com/details.php?id=9646&hl=%D8%AC%D8%B9%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%85%D8%A9%20%D9%84%D9%84%D8%B1%D8%AC%D9%84

([50]) پرسش‌هــا وپـاسـخ‌ها(باللغة الفارسية)، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ج 5، ص275-276

([51]) الأمثل فى تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 220

([52]) السيستاني، علي، منهاج الصالحين، كتاب النكاح، مسألة 353، وإنما اقتصر على رأي السيد السيستاني من باب الاختصار وعدم التطويل في ذكر آراء غيره من الفقهاء، فذكر رأيه أدام الله ظله فقط من باب كونه أحد الفقهاء المعاصرين.

([53]) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏3، ص: 221

([54]) تفسير تسنيم (باللغة الفارسية) ج 18 ص 561

([55]) کتاب پرسش ها وپاسخ ها (باللغة الفارسية)، الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، ج 5، ص 319 وما بعدها


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا